آخر الإدراجات

السميوزيس ومراتب الدلالة

السميوزيس ومراتب الدلالة

مراتب الدلالة

      قسّم بورس المؤوِّل إلى ثلاثة أقسام، وهو تقسيم يعكس ما للسيرورة الدلالية من مستويات ومراتب – كما أشرنا سلفاً– هذه المستويات لا توجد في أساس اللسان وحده، بل تتعداه إلى كافة الظواهر الاجتماعية والطبيعية.

«هذه السيرورة التأويلية ليست خاصة بالكلمات فقط، فاشتغال الإيماءات والطقوس وموضوعات العالم الخارجي يخضع لنفس السيرورة ويتبع نفس القواعد. فهذه الكيانات لا تدل من تلقاء نفسها لأنها تختزن داخلها معاني مسبقة بشكل سابق على ظهور السلوك الإنساني المتمفصل في وحدات دالة، إنها دالة في حدود وجود ثقافة تسند مجمل دلالاتها التقريرية والإيحائية على حد سواء (…) إن انزياح الأشياء والإيماءات عن وضعها الأصلي (المادي) ومعانقتها لعالم لا يتنهي من الدلالات مثال على هذه السيرورة وتحديد لاشتغالها»[1].

لذلك لا يمكن تصور مفهوم الدلالة عند بورس خارج مدار سيرورة السميوزيس. فهو مفهوم يتضمن من جهة أولى، القدرة على إنتاج الدلالة استنادا إلى معطيات مباشرة هي ما يشكل الوجود الأصلي للعلامة وجوهرها الحقيقي. كما يتضمن من جهة ثانية، لحظات إضافية تنزاح عن التعيين لتعانق سيرورة التأويل بوصفها إوالية ضمنية داخل أي سيرورة لإنتاج الدلالة وتداولها، «وهذا الاستقطاب هو ما أطلقنا عليه الوجود الأصلي للظاهرة، لكي نميزه عن العناصر الإضافية التي تعلق بالفعل ضمن حالات ثقافية بعينها. وهذا ما ينعكس على فعل الوصف والتعيين وكل الأنشطة المنتجة للمعاني المباشرة، فنحن نميز بين اللحظة الخاصة بالتعيين المرجعي “المحايد”، وبين اللحظة المنتجة لدلالات إضافية تستجيب لحاجات لا علاقة لها بالجوانب النفعية والغريزية المباشرة.

وعلى هذا الأساس وجب الفصل بين مستوى دلالي يكتفي بإنتاج وحدات قيمية من طبيعة تعيينية، وبين مستوى ثان يشير إلى قيم مضافة تدرج الفعل الإنساني ضمن وضع ثقافي خاص»[2].

يظهر من خلال ذلك، أن التأويل عند بورس هو محاولة لفهمٍ لا يكترث ولا يقف عند حدود تعيين الأشياء في دلالاتها المباشرة المنطوية على ذاتها، بل هو انخراط في صلب الرمزي والثقافي انطلاقا من معانٍ إضافية لها القدرة على التدليل والإحالة على قيم دلالية ممكنة خالقة لسياقاتها الخاصة.

ويطلق بورس على التأويل في الحالة الأولى” المؤول المباشر” وفي الحالة الثانية ” المؤول الديناميكي” وفي الحالة الثالثة ” المؤول النهائي”:

المؤول المباشر

ويسمى المؤول المباشر أيضا المؤول الممثل بكيفية مباشرة داخل العلامة. إنه «المؤول على غرار ما كشف عنه الفهم الصحيح للعلامة نفسها، وعادة ما يسمى هذا المؤول بمعنى العلامة»[3]. يظل هذا النوع مرتبطا بالمعطى المباشر داخل العلامة، وحدود تأويله هي حدود معطيات الموضوع المباشر. وتكمن وظيفة هذا المؤول في إعطاء نقطة الانطلاق للسيرورة الدلالية؛ أي إدخال الماثول داخل سيرورة السميوزيس. وما ينتجه من معنى يبقى في حدود التجربة المباشرة التي يتطلبها الإدراك المشترك. «إن المؤول المباشر مؤول يُدرك مباشرة. فهو لا يرى إلاّ الموضوع المباشر، ولا يمكن أن يقول عنه إلاّ ما تسمح به طريقة التحليل. ولقراءة العلامة والتمييز بين علامة وأخرى، ينبغي استحضار الإدراكات الدقيقة والتعوّد على ما يصحب عادة هذه المظاهر ومعرفة تعاقدات نسق العلامات (…). إن المؤول المباشر، وبشكل منطقي، لا ينبغي أن يقول شيئا، وهذا ما يعترف به بورس: “إن مؤولي المباشر متضمَّن في كون كل علامة، ينبغي أن تتوفر على تأويلها الخاص قبل أن يعطيها إياه الشخص المؤول”»[4].

لذلك يكون المؤول المباشر، هو كل علامة حاملة لدلالة ما كحدّ أدنى أو تدليل استقته عبر تاريخها. إن هذه الدلالة توجد داخل العلامة، ويمكن أن تُرى أو تُقرأ بكيفية مباشرة. إن المؤول المباشر إذن، هو كل ما هو ظاهر في العلامة بغض النظر عن سياقه ومقامات تلفظه، وهو أيضا كل ما يسمح للشخص بقول “نعم” أو “لا” إذا استطاعت العلامة أن تحدد أو تشير إلى شيء ما، حيث يكون لهذا الشخص معرفة كافية بذلك الشيء، كما هو الحال بالنسبة للمؤول المباشر لرقصة النحل فالمؤول المباشر لهذه الرقصة هو المعلومة التي نقلتها هذه الرقصة فيما يخص معرفة مسافة أو اتجاه مكان الرحيق [5].

ويظل الفعل التأويلي في إطار المؤول المباشر «مرتبطا بفعل إنتاج الدلالة في مستواها الأول، أو مستواها التقريري والحرفي. فالطابع “الموضوعي” (أو لنقل البيذاتي) للمعنى يتحدد من خلال وجود مادة أولية منها تشتق كل المعاني “النفعية” الموجهة نحو الاستجابات لحاجة أولية. فالعلامة تعين وتسمي وتشير، وفي هذه الحالة، فإنها لا تتجاوز حدود الإشارة إلى ما هو معطى من خلال حدود فعل التمثيل ذاته: أي ما يخص معنى العلامة ومعنى النص ومعنى الواقعة وذلك ما تقتضيه عناصر التجربة المشتركة»[6].

بذلك نكون في المؤول المباشر، أمام مدلول أولي لا يتجاوز حدود تعيين تجربة ما كما تقدمها العلامة من خلال مظاهرها المباشرة والتقريرية. فهو يشكل لحظة داخل سيرورة تجعلنا نتعرف على بدايتها كما هي. ففي هذه اللحظة نكون «أمام حالة أولية للإدراك لا تتجاوز حدود تعيين تجربة ما كما تقدّمها العلامة من خلال مظهرها المباشر. إن حدود هذه الدلالة هي وصف هذه التجربة بالاعتماد فقط على العناصر الأولية التي تشتمل عليها العلامة دونما اعتماد على شيء آخر»[7].

ويقصد بالتأويل في هذا المستوى العودة والرجوع بالعناصر إلى أصلها الأول، وإرجاع المعنى إلى أصله يتمّ عبر الاعتراف ضمنا بتعدد المعاني الأصلية والمشتقة وكذا باحتماليتها والبحث داخلها عما يخلق انسجاما جديدا للواقعة.

إن هذه الواقعة تشتمل عادة على ما نسميه بالمعنى المباشر، أو المعنى الذي لا يستدعي أي جهد للكشف عنه. ويحيل المعنى المباشر في لغتنا على ما هو معطى من خلال عناصر الواقعة ذاتها دون أن يتجاوز حدود ما تقتضيه التجربة المشتركة. فهو من هذه الزاوية يشكل نقطة انطلاق لدلالة قد لا تتوقف عند حد بعينه، إلا أنه يعد أمرا أساسيا في كل عملية تأويل لاحقة.

 وانطلاقا من هذا المعنى الأصلي أو هذا الحدّ الأدنى المعنوي الذي تقدمه لنا الواقعة في أبعادها التقريرية والتعيينية، يمكن تخيّل معالم تأويلية قادرة على بناء أكوان دلالية متعددة. وهي دلالات لا تتجاوز حدود ما يقتضيه سياق هذه الواقعة. فالمؤوِّل أثناء تعامله مع النص، يتجاوز معناه الظاهر والحرفي، والتعامل مع معانيه الخفية والإضافية بوصفها منطلقا للبحث عن كل ما يستعصي على الإدراك للوصول إلى بنياته العميقة عبر التفقّه والتقدير والتدبّر، وتوسّلا بما في النص من سنن وإشارات سياقية، هي بمثابة دليل لولاه ما تجاوز هذا المؤوّل المعنى الظاهر للنص.

إن النظر إلى التأويل بهذا الشكل، يجعلنا نسلّم بوجود مستوين: مستوى أول تعييني تقريري،  ومستوى ثان خاص بإنتاج الوحدات الدلالية والقيم الثقافية المضافة.

ولأنّ إدراك أيّ ظاهرة بصورة فعلية، يقتضي استحضار السيرورة التاريخية والقيم الثقافية التي انبثقت منها هذه الظاهرة وتحوّلت عبرها إلى ذاكرة للفعل الإنساني، فإن تجاوز هذه المستوى المباشر أمر طبيعي. هذا التجاوز يضعنا على عتبات مؤولات أكثر خصوبة، وأكثر تعقيدا. هذه المؤولات هي: المؤولات الحيوية أو الديناميكية بلغة بورس.

المؤوِّل الديناميكي

          إن المؤول الديناميكي هو المؤول الذي يقدم كل المعلومات الضرورية لتأويل العلامات، «إنه الأثر الواقعي الذي تحدثه العلامة في الذهن»[8].

هذا المؤول هو الذي يقذف بالعلامة من موقعها التعييني المباشر، إلى عالم جديد من الدلالات؛ وهذه الدلالات ليست معطاة بطريقة مباشرة من خلال ما يبدو من ظاهر العلامة، بل يشير إلى تجربة ضمنية، فـ “العلامة تحتوي أو تشير إلى مجمل مكوناتها الأكثر إيغالا في القدم”. فإذا كانت الإحالة الأولى (أو الإحالات الأولى) تحدد منطلقا لسيرورة ما، فإن الإحالات اللاحقة تخلق سلسلة من المسيرات التأويلية التي تدخل عبرها الذات المؤولة (القارئ) كعنصر أساسي في عملية إنتاج الدلالات المتنوعة[9].

ويعتبر المؤول الديناميكي مؤولا حركيا، وتتبدى هذه الحركية عندما ينتهي ويتخلص من مقتضيات المؤول المباشر، لينطلق نحو آفاق جديدة بوضعه الدلالة داخل سيرورة السميوزيس اللامتناهية. هذه السيرورة تتطور في اتجاهين؛ فالعلاقة التي يقيمها المؤول الديناميكي بين الماثول والموضوع يمكن أن تتغير وفق ما إذا كان الموضوع مباشرا أو ديناميكيا.

ففي الحالة التي يكون فيها الموضوع مباشرا، فإن المؤول الديناميكي لا يأتي إلا بالمعلومات أو الوقائع التي لها علاقة بالعلامة نفسها، لأن الموضوع المباشر حسب بورس، هو الموضوع كما تمثله العلامة. وبعبارة أخرى، فإن المؤول الديناميكي في علاقته المباشرة مع الموضوع المباشر، لا يأتي إلاّ بالمعارف التي بمقدورها الكشف عمّا تودّ العلامة قوله عن موضوعها المباشر. وإذا استعدنا المثال السالف، “الشمس زرقاء”، فإن الأمر يتعلق بفهم ما يدلّ عليه كون الشمس زرقاء، وبتوضيح ما إذا كان الأمر يتعلق باستعارة تعبر عن الحالة النفسية للمرسل، أو أن الأمر يتعلق بكيفية تصويرية للقول بأن اليوم حزين.

غير أنه يمكن للمؤول الديناميكي، القيام بعملية ربط الماثول بالموضوع، مغترفا بذلك معلوماته من سياق المعارف القبلية للموضوع (…) وفي هذه الحالة، فإن المؤول الديناميكي سيشير إلى كل المعلومات السابقة أو القبلية، عن الموضوع؛ أي مجموع المعارف العلمية والشعرية والأسطورية التي لها صلة بالشمس والقادرة على توضيح، وبشكل جيد، هذه المعرفة الخاصة القاضية بإسناد صفة الزرقة إلى الشمس[10].

وقد ميز جيرار دولودال – اعتمادا على قراءته لبورس – بين نوعين من المؤول الديناميكي حيث  يقول: «سنميز في المؤول الديناميكي بين نوعين اثنين وذلك حسب كون هذا المؤول يستدعي، أو لا يستدعي”تجربة إضافية” لكي يحيل على موضوعه. فإذا لم يستدعِ هذه التجربة، فإن المؤول الديناميكي الأول يشكل قراءة في السياق الحاضر لمعرفة الشخص المؤول. فهو يستند إلى الافتراض. وإذا قام باستدعاء هذه التجربة، فإن المؤول الديناميكي الثاني يشكل قراءة في السياق الخارج بكيفية مباشرة (خارج أو سابق) عن معرفة الشخص المؤول. فهو يستند إلى الاستقراء. إن المؤول الديناميكي الثاني، هو إذن قراءة في السياق الاجتماعي (الخارجي) أو التاريخي (السابق) أو فيهما معا، إنه قراءة في وجود علاقة العلامة بموضوعها، بغض النظر عن الشخص المؤول»[11].

وإذا أخذنا بعين الاعتبار المؤول الديناميكي، فإن فعل العلامة أو سيرورة السميوزيس ستتحول إلى سيرورة لامتناهية، الشيء الذي يجعل من السميائيات علما مهتما بكل المضامين والظواهر الثقافية وفي تحريرها من أية ميتافيزيقا للمرجع كما قال إيكو: «فمن أجل تحديد مؤول علامة ما، ينبغي تسمية هذا المؤول عبر علامة أخرى التي ستصبح، بدورها، مؤولا نستطيع تسميته عبر علامة أخرى، وهكذا دواليك. إن هذا يعطي ميلادا لسيرورة سميوزيسية لامتناهية، وهي سيرورة تعدّ، وبشكل مفارق، الضمانة الوحيدة لتأسيس نسق سميائي قادر على فهم وإدراك نفسه بنفسه من خلال وسائله الخاصة لا غير. إن اللغة إذن، نسق يوضح نفسه انطلاقا من أنساق تعاقدات متتالية تفسر بعضها بعضا»[12].

إن هذه الرؤية تسمح بإحاطة واضحة للمؤول الديناميكي، بوصفه المؤول المشكِّل لكل التمييزات الذاتية التي تضاف داخل عملية الإبلاغ إلى الدلالة الأساسية والمباشرة، وذلك من خلال تعيينه لأشياء أخرى غير المعنى الحرفي. إنه نتاج ثقافة تشير إليها العلامة من خلال السياق الذي تشير إليه، وعبر استحضار الذاكرة أيضا كشيء يخترق النص ويعين فضاءات ليست بالضرورة مرتبطة بما هو لساني، وهو ما يذهب إلى القول أن لهذا التصور الفضل، على الأقل، في خلق قطيعة مع قراءة أحادية قائمة على فكرة أن للنص معنى واحدا ووحيدا[13].

ومع ذلك، لا وجود لفاصل بين المستوى المباشر والمستوى الديناميكي، فلا يمكن تصور واقعة تكتفي بإنتاج دلالة واحدة خاصة بالتعيين، وبالمثل لا يمكن تصور فعل تأويلي لا يسلم بوجود مادة (نص) سابقة عنه. إن النشاط التأويلي وفق الغايات السميوزيسية، المعلنة أو الضمنية، فعل كلي، إن كانت آثاره المباشرة هي تعيين دلالة ما (تعيين ما) فإن عمقه لا تحدده سوى الإحالات التي تجعل من أي نسق سميائي بؤرة للتوالد الدلالي اللامتناهي[14].

إن القوة التأويلية التي يتمتع بها المؤول الديناميكي لا يمكن أن تتوقف من تلقاء نفسها. ولا يوجد داخل هذا المؤول ما يوحي بذلك. فإيقاف هذه القوة المدمِّرة وهذه الحركية لا يمكن أن يتم إلاّ بواسطة أنساق تدليلية سياقية تستدعي الانتقاء والحذف والتحجيم. وتلك هي مهمة المؤول النهائي كما يرى ذلك بورس.

المؤوِّل النهائي

إذا كان المؤول الديناميكي، كما سلف، هو المسؤول عن عملية إنتاج الدلالة وإدخالها في سيرورة السميوزيس اللامتناهية، فإنه وبهذا الشكل، يوفر المعلومات أو الشروط الضرورية والكافية لعملية التأويل. إن سلسلة الإحالات لا يمكن أن تتوقف في حدود هذا المؤول. وإذا كانت ديناميكية العلامة لا تستوعب إلاّ باعتبارها انتقالا من علامة إلى أخرى، فقد لا حظ بورس، بأن هذه الديناميكية في المؤول تجد نفسها وباستمرار محاطة، داخل سيرورة السميوزيس اللامتناهية، بقوة مضادة تنزع إلى تثبيته (المؤول الديناميكي) داخل نقطة ما والحدّ من حريته. وتتطابق هذه القوة مع فعل المؤول النهائي أو المؤول التداولي (ويسمى أيضا بالعادة).

فالحدّ من هذه الحرية يشير إلى وجود سياق خاص كفيل بتحديد تأويل نهائي للعلامة. فعملية التأويل هذه ليست عملية حرّة، بل إنها حرية مشروطة بالسياق الملموس، سواء كان سياقا نفسيا أو اجتماعيا أو تاريخيا أو علميا؛ أي بقدر ما توهمنا عملية التأويل في أننا أحرار فيما نقول، فإننا في الوقت نفسه نجد أنفسنا مجبرين على تأويل وذكر ما يريد الشيء المؤوَّل قوله. «إن المؤوِّل لا يؤوّل بشكل حرّ، إنه مترجِم يقول في لغة ما الشيء نفسه الذي يُقال تماما في لغة أخرى»[15]. بذلك نكون أمام انتقاء تأويلي يحدد للتأويل حقوله ومصادره، ويفرض عليه قيودا سياقية وكوابح تأويلية تدرجه ضمن كون متناهٍ، منتج لرقابة لها أبعادها الثقافية والتداولية، وهي رقابة تتحكم في مجموع الأنساق التأويلية الناتجة عن حركة دلالية ما.

 إن الأمر يتعلق عند بورس “بالعادةhabitude ” التي توقف مؤقتا السيرورة السميائية وتجمِّد حركة الفعل التأويلي، «إن العادة تجمّد مؤقتا الإحالة اللامتناهية من علامة إلى علامة أخرى لكي يتسنى للمتحاورين الاتفاق بسرعة على واقع ما داخل سياق إبلاغي معين، فهي تشلّ السيرورة السميائية: “إنها عالم الأفكار الجاهزة” ! بل إنها وليدة فعل علامات سابقة، ولهذا فإن العلامات هي التي تؤدي إلى تدعيم أو تغيير في العادات»[16].

فإذا كان فعل العلامة منظورا إليه في ذاته، لا يمكن أن يُفهم إلاّ بوصفه مطاردة أو امتدادا لامتناهيا من علامة لأخرى دون أن يتوقّف ذلك عند حدّ بعينه، فإن وظيفة المؤول النهائي بوصفه مؤولا تداوليا هو التجميد المؤقّت لهذه الحركية. وهذا لا يمكن أن يكون طبعا إلاّ لأسباب تحافظ للتأويل على نزعته التداولية، كما لا يمكنه أن يكون كذلك إلاّ بواسطة قوى خارج – سميائية أو سابقة على ما هو سميائي. لأن المؤول النهائي أو التداولي ينتج مجموعة من التسنينات والمعايير التي تُدرج التأويل ضمن مسيرات محددة لا أقلّ ولا أكثر. إن هذه التسنينات وهذه المعايير، وبصورة أشمل، هذه العادات تمتح وتغرف معلوماتها من مصادر متنوعة ومتعددة.[17]

بناء على ذلك تكون العادة «انعكاسا للممارسة الخارج – السميائية داخل الممارسة السميائية الخالصة»[18]. ففي العادة تتوقف السميوزيس التأويلية، وهذا التوقف ليس نهائيا بالمعنى الكرونولوجي (الزمني)، مادامت الحياة اليومية محكومة بتحول في العادات. إن تحول العلامات ينتج تحولات في التجربة. «ولعلّ هذا ما لا يجعل من “النهائية” مضمونا زمنيا يتحدد داخله المؤول النهائي باعتباره مصدرا لإنتاج دلالات لا سلطة للزمان عليها. إن “النهائية” هنا تتعلق ببداية ونهاية مسير تدليلي ما، وما يبدو كنهاية منطقية لمسير، سيتحوّل إلى نقطة بدئية داخل مسير آخر. إنه الرغبة الدفينة واللاشعورية التي تستشعرها الذات المؤولة في الوصول إلى دلالة بعينها انطلاقا من سيرورة تدليلية بعينها. أو هو محاولة الذات لخلق “محميات دلالية” تريحها من عبء المتسيّب واللامحدود من خلال الرّسو على موقف دلالي بعينه» [19].

إن “النهائية“، هنا، مرتبطة بالمسير التدليلي وهي مبدأ للتنظيم، بحيث تُدرج الفعل التأويلي ضمن أنساق سياقية مخصوصة. فما يدلّّ داخل هذا السياق، قد لا يدلّ في سياق آخر أو قد يملك دلالة مغايرة عن تلك التي قُدّمت له في السياق الأول. إن “النهائية” تقودنا إلى الإمساك بمدلول نهائي تنتهي عنده كل الدلالات. لذلك، فلِفهم ما تدلّ عليه علامة ما، لا بدّ في نظر بورس من استحضار المؤول النهائي، ذلك أن العلامة عندما تنتج سلسلة من الأجوبة المباشرة، فإنها تؤسس شيئا فشيئا عادة ما، كما أنها تؤسس كذلك لسلوك منظم عند الشخص المؤول لهذه العلامة. بذلك فالعادة، في نظر بورس، على نحو ما أشار إليه أمبرتو إيكو، هي الميل إلى التأثير بكيفية مماثلة بموجب ظروف مماثلة في المستقبل والمؤول النهائي لعلامة ما هو خلاصة هذه العادة. مما يحملنا على القول إن فهم علامة ما، معناه أن نتعلّم ما يجب فعله لكي ننتج موقفا ملموسا يخوِّل لنا اكتساب تجربة إدراكية عن الموضوع الذي تحيل عليه العلامة[20].

إن بورس لا ينظر بالباتّ والمطلق إلى الموضوعات على أساس أنها مجموعة من الخصائص، بل بوصفها فرصا ونتائج لتجربة فعّالة. فأن تكتشف الذات المؤولة موضوعا ما، فهذا معناه اكتشافها لحدود هذا الموضوع ولنمط اشتغاله لكي يتم إنتاجه مرة أخرى. وعلى هذا يبدو أن النظر إلى العلامة بوصفها قاعدة تنمو من خلال مؤولاتها الخاصة يوحي باكتساب الذات المؤولة عادة التأثير بكيفية ما وبحسب ما تمليه عليها هذه العلامة، «والنتيجة (…) أنه في ظروف معينة تكتسب الذات المؤولة عادة التأثير بطريقة ما كلّما رغبت هذه الذات في الوصول إلى نتيجة ما. والخلاصة المنطقية والواقعية والحيّة هي هذه العادة. ولن يكون في مقدور الصياغة اللغوية سوى التعبير عنها »[21].

   من هذا المنظور (العادة)، تنغلق دائرة السميوزيس في كل لحظة ولا تنغلق على الإطلاق، ذلك أن نسق الأنساق السميائية الذي يتبدى لنا على نحو مثالي وكأنه كون ثقافي مفصول عن الواقع، هو كون يقود بدوره إلى التأثير في الواقع وتحويله، ومن شأن أيّ فعل تحويلي أن يتحوّل بدوره إلى علامة ويولّد سيرورة سميائية جديدة[22]. «ليس هذا كل شيء، فلمقولة العادة معنى مزدوجا، معنى نفسيا، وآخر كونيا (كوسمولوجيا). إن العادة، هي انتظام كوني، وحتى في حالات القوانين الطبيعية، فإنها خلاصة للعادات المكتسبة، كما أن كل شيء يميل أو قابل لأن يصير إلى عادات… والتحول إلى عادات أو اكتسابها، هو تأسيس لنمط كينونة منتظمة خاضعة لقواعد»[23].

فإذا كانت السيرورة السميائية، منظورا إليها في ذاتها لا يمكن أن تدرك إلا بوصفها سلسلة لامتناهية من علامة لأخرى، دون أن تتوقف سلسلة الإحالات هذه، فإن هذه السيرورة تموت عندما تصنَّف، وتموت كذلك لحظة انصهارها في العادة، « فالعلامة لا تشير دون ردّ فعل، إنها تترك آثارا تسمى عادة عندما يتعلق الأمر بالإنسان، وقانونا عندما يتعلق الأمر بالمجتمع أو بعلوم الإنسان. إن العلامة/المؤول، التي هي تحديدا علامة، تموت باعتبارها كذلك في اللحظة التي تقوم فيها بوظيفة التعيين، أي عندما تضع حدا لسيرورة السميوزيس، إنها تشكل ما يسميه بورس المؤول النهائي »[24].

إن المؤول النهائي، هو مؤول نسقي. وتتبدى هذه النسقية في كونه متضمِّن لمجموعة من العمليات الاستدلالية المنطقية (الافتراض والاستقراء والاستنباط)§.

 هذه العمليات هي التي تساعدنا بشكل أكثر على فهم العلاقة النسقية التي يقيمها المؤول الديناميكي مع المؤول النهائي. إذ بإمكان المؤول النهائي مثلا اتخاذ ثلاث صور، وذلك حسب ما إذا كان نسق التأويل قد وضعه الافتراض أو الاستقراء أو الاستنباط. وعلى هذا الأساس، نفهم أن المؤول النهائي، ينقسم بدوره إلى ثلاثة أقسام:

المؤول النهائي الأول

وهو عبارة عن عادة عامّة تم اكتسابها عبر التجربة. وهي تجربة تخص الجماعة أكثر مما تخص الفرد. وتقوم هذه العادة بتأويل العلامات في زمن ما وفي فئة ما [25].

«يشكل هذا المؤول مجموعة من القيم والأحكام العرفية والتقاليد والعادات. فكل عادة ليست سوى تكثيف لسلسة من السلوكات المتشابهة التي تتكرر في الزمن والمكان. وتكرارها هو الذي يحولها إلى قالب جاهز، وأفكار مسكوكة تتخذ طابعا لا زمنيا لكي تعود من جديد لتمارس سلطتها على السلوكات الفردية. فالسلوك الفردي يخضع في تحققه لنموذج عام تثبته التجربة الجماعية لكي تنتج التطابق بين الفرد والمجتمع. وبناء عليه فإن المؤول النهائي الأول هو ميدان الإيديولوجيا»[26].

المؤول النهائي الثاني

وهو عبارة عن عادة خاصة مثل قدرة عالِم النباتات على تصنيف نبتة جديدة، أو قدرة عالم الآثار على التأريخ لآنية فخارية، أو قدرة مؤرخ الفن على إسناد لوحة غير موقعة لفنان ما أو اتجاه فني ما.

ويختلف المؤول النهائي الأول عن المؤول النهائي الثاني ليس لأنّ المؤول النهائي الأول عادة عامة، فحسب، بل لأنه مؤول غير خاضع للمراقبة العلمية والتجربة، عكس المؤول النهائي الثاني[27].

المؤول النهائي الثالث

حسب دولودال، فإن هذا المؤول هو مؤول نسقي. وهو مؤول خار ج أيّ سياق. إذ لا يكتسب أية تجربة لكي يوجد. فهو على مستوى القرار استنباطي، كما هو حال كل الأنساق الشكلية، سواء كان ذلك انطلاقا من المؤول النهائي الثاني مثل الفرضيات الفيزيائية الكبرى، أو كان انطلاقا من المؤول النهائي الأول مثل النظريات البنيوية ونظريات التحليل النفسي. [28]

بناء على هذا التقسيم، يمكن، حسب بورس، التمييز بين ثلاثة أنواع من العلامات:

  1. العلامات الطباعية أو الجمالية.
  2. العلامات العملية أو الأخلاقية (الإيتيكية).
  3. العلامات الميتافيزيقية.

إن الطريقة التي تعمل بها هذه العلامات، لا يمكن أن تدرك بشكلها العلمي والعملي معا، إلاّ من خلال السيرورة التاريخية التي تقدِّم للممارسة الاجتماعية بكل أبعادها وتجلياتها نوعا من الانسجام. ذلك أن الإنسان يجنح في كل الميادين إلى ترسيخ مجموعة من المعارف والممارسات داخل قوالب قارة يلجأ إليها في نهاية الأمر ويحتكم إليها ويطابق بينها وبين سلوكه بكل عناصر البسيطة والمركبة.

إن النوع الأول من العلامات (العلامات الطباعية) يعود طبعا إلى المجال الفني. ويظل مؤول هذه العلامات مؤولا جماليا. فالسيرورة الفنية تقعّد للممارسة الفنية، وتقوم في كل لحظة وفي كل مرحلة بإنتاج قيم فنية تشكل قيودا سياقية، وترسم حدودَ الممارسة الفنية، بإبراز مواطن الجمال فيها مقابل مواطن القبح [29].

أما النوع الثاني من العلامات (العلامات العملية أو الأخلاقية)، فتعود طبعا إلى السلوك الإنساني كما تمّ تجسيده في مجموعة من الممارسات الاجتماعية والثقافية كالعادات والطقوس والاحتفالات والأحكام الاجتماعية. وينخرط هذا النوع من العلامات، ضمن ميدان الإيديولوجيا.

أما النوع الثالث من العلامات (العلامات الميتافيزيقية)، فهو من طبيعية معرفية وإدراكية. ووظيفة هذا النوع من العلامات، هي مراقبة المعتقدات والمفاهيم الدينية والفلسفية.

إن مؤول هذا النوع من العلامات، هو من طبيعة ذهنية وفكرية. إنه يعود إلى المعرفة الفلسفية بالمعنى الكلي لهذه الكلمة [30].

ولفهم ما تدلّ عليه هذه النسقية في المؤول النهائي حسب دولودال لا بدّ من شرح الآليات الأساسية للسيرورة المعرفية وذلك عن طريق الاستدلال. هذه الآليات هي: الاستنباط والاستقراء والافتراض. هذه العمليات الاستدلالية، تسمح لنا بإدراك طبيعة العلاقة التي تصل السيرورة السميائية التأويلية بالسيرورة المنطقية، والتي كان بورس دائما حريصا على بنائها، خاصة وأن السميائيات بالنسبة له ليست سوى اسم آخر للمنطق. لذلك فغائية السيرورة السميائية (من خلال المؤولات)، هي تأسيس معنى؛ أي إسناد موضوع ما إلى الماثول [31]، بل إن الأمر يتجاوز ذلك بكثير. لأن التدليل ومراحل تشكله وطرق تصريفه من القضايا التي يصعب الإمساك بها على نحو أسهل.

تأسيسا على ما سبق، فإن وظيفة المؤول النهائي، لا تكمن فقط في تقديم تصور نسقي من خلال الاستقراء والاستنباط والافتراض، بل في وضع حدّ مؤقت للسيرورة التأويلية، والسمّاح للمتلقي باكتساب أو الوصول إلى معارف منسجمة مع عاداته وتصوراته العملية والنظرية [32].

فالنهائي في هذه السيرورة التدليلية لا يقيم قطيعة مع الحدّ البدئي، إنه يقوم بتعميق تمثّلاتنا ومعارفنا التي وضعت للتداول في الإحالة الأولى. لذلك نستطيع القول: «إن فعل العلامة يندرج في إطار سيرورتين متضادتين لكنهما في النهاية متكاملتان: فمن جهة هناك سيرورة تتأسس في القوانين الداخلية للغة التي بواسطتها، لا يمكن لهذه السيرورة أن تشتمل على معايير أخرى سوى ممارستها الخاصة. ومن جهة أخرى هناك سيرورة تتأسس في الشروط التاريخية الملموسة، وهي شروط تندرج ضمنها الممارسة الدالة، وتفجّر على مستوى اللغة كل الإرغامات والتناقضات والمعايير الخاصة بهذه السيرورة»[33].

إن هذه المؤولات (المباشر والديناميكي والنهائي) منظورا إليها من جهة نظر الذات المؤولة، هي مؤولات وجدانية وطاقية ومنطقية. وقد كان الهدف من هذا التقسيم، هو ضبط السياق الذي تشير إليه العلامة، بحيث يساعدنا كل مؤول على تسييج الطاقة التأويلية الديناميكية ضمن سياقات تستطيع من خلالها الذات المؤولة الاستقرار على دلالة بعينها. فالمؤول المنطقي مثلا يقتضي تأويلا عقليا وذهنيا «فإذا كانت العلامة من طبيعة عقلية، فإنها مؤولها سيكون بالضرورة مؤولا منطقيا»[34].

إلى جانب المؤول المنطقي، هناك المؤول الوجداني أو العاطفي «ذلك أن هناك دائما إحساس ننتهي إلى تأويله بوصفه دليلا على فهمنا الأثر الخاص بالعلامة»[35].

أما المؤول الطاقي فقد حدّده بورس في قوله: «إذا قامت العلامة بإنتاج أثر آخر، مدلولا خاصا، فإنها ستنتجه بواسطة المؤول الوجداني، وهذا الأثر الجديد، يتضمن دائما جهدا معينا. وأسمي هذا الجهد مؤولا طاقيا. ويمكن لهذا الجهد أن يكون عضليا كما في حالة النقيب عندما أمر الجنود بوضع السلاح. غير أن هذا الجهد يمارس، بشكل أكثر، على العالم الداخلي، فيكون بذلك جهدا ذهنيا»[36].

«إن علامة ما تستطيع أن تنتج مؤولا طاقيا أو وجدانيا: فعندما نستمع إلى قطعة موسيقية ما، فإن المؤول الوجداني هو ردّ الفعل الذي نقوم به تجاه سِحر الموسيقى، غير أن ردّ الفعل هذا، ينتج بدوره جهدا ذهنيا أو عضليا، وهذا النوع من الاستجابات يشكل مؤولات طاقية»[37].

ولا يمكن لهذه المؤولات أن تُطرح وتعزل بعيدا عن المقولات الظاهراتية، إذ يحيل كل مؤول على مقولة معينة. فالمؤول المباشر والمؤول الوجداني يحيلان على الأولانية، أما المؤول الديناميكي والمؤول الطاقي فيحيلان على الثانيانية بينما يحيل المؤول النهائي والمنطقي على الثالثانية [38].

إن الغاية من وجود مؤول نهائي بهذا الشكل لا تتمثل فقط في إعطاء معنى ما كخلاصة وحصيلة إلى الواقعة، بل إن الأمر يتجاوز ذلك بكثير. فهذه السيرورة افتراضية أملتها غايات منهجية ليس إلاّ، لأن التدليل ومراحله وخاناته ليس شيئا شفافا يمكن الإمساك به بسهولة. إنه مركب ومتنوع ومتعدد التجليات، وليس من السهل الفصل داخله بين نقطة بدئية وأخرى نهائية وثالثة تتوسطهما. فهو إلى جانب استناده إلى العناصر الأساسية التي توفرها العلامة كمادة للتأويل، يفترض ذاتا خاصة تقوم بإنجازه، وهذا يعني استحضار مخزون، يفترض تحقيق تأويلها الخاص[39].

إن ما يمكن أن نخرج به كخلاصة من هذه التصنيفات وغيرها هو أن المؤول النهائي ليس آلة لإنتاج وتوليد سلسلة لامتناهية من الدلالات التي تتبنى التحرر من قيود الختام. كما أنه ليس صياغة نهائية لدلالة وحيدة محددة وقارة. إنه على العكس من ذلك، يشير إلى أن الدلالات متعددة تعدد المسيرات التأويلية المحكومة بمرجعياتها وقوانينها وضوابطها الذاتية، «إن الأمر لا يتعلق “بنهاية” بقدر ما يتعلق بتفضيل مدلول على آخر، فما يقدّمه المؤول النهائي في نهاية السيرورة ليس دلالة نهائية، بل نقطة نهاية داخل مسير تمّ انتقاؤه وفق فرضيات مسبقة خاصة بنمط وجود المعنى وطرق انتشاره في ثنايا الواقعة، وهو ما يطلق عليه إيكو مثلا “الانتقاء السياقي”. فالاقتراب من النص يتم استنادا إلى سؤال سابق يساعدنا على إعادة بناء قصدية النص من خلال إسقاط علاقات افتراضية ليست معطاة مع التجلي الخطي للنص»[40].

هوامش الدراسة


[1] – سعيد (بنگراد): ” السميائيات وموضوعها “، مجلة علامات العدد 16، السنة 2001 ص:83.

[2] – سعيد (بنگراد):السميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، منشورات الزمن، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 2003، ص:175

[3]PEIRCE (Charles Sanders): Ecrits sur le signe, , rassembles, traduits et -commentes par Gérard Deledalle, ED. Seuil, Collection, L’ordre Philosophique, Paris, 1978, P: 189.                           

[4]GERARD (DELEDALE): THEORIE ET PRATIQUE DU SIGNE, -Introduction à la sémiotique de C. S. Peirce ,PAYOT , PARIS, 1979, P:119.

[5]– SAVAN (DAVID): “ La Sémiotique de CH. S Peirce “in Langages 58, P:19. 

[6] – سعيد (بنگراد): “السميوزيس والقراءة والتأويل”، مجلة علامات العدد 10، ص:45.

[7] – سعيد (بنگراد): “المؤول والعلامة والتأويل” مجلة فكر ونقد، العدد 16، فبراير، السنة 1999، ص:54.

[8] –  PEIRCE (Charles Sanders): Ecrits sur le signe, OP.Cit, P: 189.               

[9] – سعيد (بنگراد):” السميوزيس والقراءة والتأويل”، مرجع مذكور، ص:46.

[10] Enrico (CARONTINI): L’ACTION DU SIGNE ED, Louvain – la- neuve1984, PP: 31/ 32.    –

[11]– GERARD (DELEDALE): THEORIE ET PRATIQUE DU SIGNE, OP, Cit, – P:120. 

[12]– Umberto (Eco): La Structure Absente ED, Mercure de France , Paris ,

, 1972, P: 66.                       

[13] – ماري  نويل (غاري – بريور): ” مفهوم الإيحاء “: ترجمة سعيد بنگراد مجلة علامات العدد 1 ص:87.

[14] – سعيد (بنگراد):” السميوزيس والقراءة والتأويل”، مرجع مذكور، ص:46.

[15]– GERARD (DELEDALE): THEORIE ET PRATIQUE DU SIGNE, OP.Cit, P: 43.   

[16]–Nicole (Evereart_Desmedt): Le Processus Interprétatif Introduction à la sémiotique de C. S. Peirce ; Ed ; Mardaga Editeur, 1990, PP: 42/43.  

[17]–  Enrico (CARONTINI): L’ACTION DU SIGNE, OP.Cit, P: 28.          

[18]–  Ibid, P: 28.                                                                                                   

[19] – سعيد (بنگراد): السميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، مرجع مذكور، ص:56.

[20] -UMBERTO (ECO): LECTOR IN FABULA Ou la coopération interprétative dans les textes narratifs, Traduit de l`italien par MYRIEM BOUZAHER, ED, Grasset & Fasquelle, 1985.p. 52.

[21]–                   PEIRCE (Charles Sanders): Ecrits sur le signe, OP.Cit, P: 136.

[22]–UMBERTO (ECO): LECTOR IN FABULA, OP.Cit, P: 57.                  

[23]– Ibid, P.52.                                                                                                         

[24] – جيرار(دولودال): “تنبيه لقراء بورس” “ترجمة عبد العلي اليزمي، تقديم سعيد بنگراد، مجلة علامات العدد 8، السنة، 1997، ص: 113.

§الاستنباط هو تطبيق قاعدة عامة على حالة خاصة. أما الاستقراء، فيؤسس أو يستدل به على القاعدة انطلاقا من حالات خاصة. بمعنى آخر، إذا كان شيء ما صحيحا بالنسبة لعدد هامّ من الحالات، فإنه سيكون صحيحا كذلك بالنسبة للمجموعة بأكملها. أما الافتراض فيستدلّ به على حالة ما انطلاقا من قاعدة أو نتيجة ما. والافتراض يوجد بشكل خاص، عندما نصادف حالة خاصة لا نستطيع تفسيرها إلاّ إذا افترضنا أنها تطبيق لقاعدة عامة، وقمنا باختيار وتبني هذا الافتراض، دون مراقبته أو التحقق منه، إما بسبب عدم الاهتمام أو بسبب الاقتناع بأن التحقق من ذلك مستحيل. للمزيد أنظر :

GERARD (DELEDALE): THEORIE ET PRATIQUE DU SIGNE, P: 21.

[25]-Ibid, P:  120.                                                                                                  

[26] – سعيد (بنگراد): “سميائيات بورس” مجلة علامات العدد 1 السنة الأولى ربيع 1994، ص:23.

[27]–   GERARD (DELEDALE): THEORIE ET PRATIQUE DU SIGNE, OP.Cit, P: 120.

[28]  Ibid, PP: 120/121.                                                                                         –

[29]–   Enrico (CARONTINI): L’ACTION DU SIGNE, OP.Cit, PP: 28/29. 

[30] – Ibid, P : 29.                                                                                                   

[31]Bruzy(C)Burzlaf(W)Marty(R)Réthoré(J): “La sémiotique phaneroscopique- de Charles S.Peirce”.in langage 58, P: 39.  

[32]–              Enrico (CARONTINI): L’ACTION DU SIGNE, OP.Cit, P:37.

[33]Ibid, P:29.                                                                                                     –

[34]-PEIRCE (Charles Sanders): Ecrits sur le signe, OP.Cit, P: 130.                  

[35] -Ibid ; P: 130.                                                                                                  

[36]– Ibid ; P: 130.                                                                                                 

[37]– UMBERTO (ECO): LECTOR IN FABULA, OP.Cit, P: 54/55.            

[38]GERARD (DELEDALE): COMMENTAIRE, IN Ecrits sur le signe, OP.Cit, P: 221.    

[39] – سعيد (بنگراد):”المؤول والعلامة والتأويل ” مرجع مذكور، ص:56.

[40] – سعيد (بنگراد):”التأويل وتعدد الحاجات الإنسانية “،  جريدة العلم الثقافي السبت 24 يونيو 2004.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.